بغداد/ تميم الحسن
للأسبوع الثاني على التوالي، تتسارع وتيرة “دخول داعش” من خارج الحدود الى داخل الاراضي العراقية، فيما لا يعرف حتى الآن السر وراء عمليات التسلل الجديدة بشكل واضح.
ويرجح امنيون في مناطق شمال بغداد، وجود مخطط لاعادة انتشار التنظيم بمساعدة خلايا من الداخل، مستغلة الاوضاع غير المستقرة في البلاد.
ولاتزال الحكومة العراقية، وجهات معنية بالملف الامني، تؤكد اهمية الاستعانة بالتحالف الدولي، فيما تتعرض تلك القوات الى هجمات صاروخية وتهديدات من “خلايا الكاتيوشا”.
ومنذ منتصف الاسبوع الماضي، شن تنظيم “داعش” 13 هجوما على بلدات وقرى مختلفة في المناطق المحررة، مستخدمًا العبوات الناسفة و”القناصين”. وتسببت تلك الهجمات، بمقتل واصابة 8 بين عسكريين ومدنيين، من بينهم ضابط برتبة رفيعة، خلال تلك الهجمات التي حدثت خلالها عمليات اقتحام للمنازل.
وقبل اسبوعين كان التنظيم قد قتل وخطف منتسبين في القوات الامنية والحشد العشائري خلال هجوم على احد المنازل، وفجر منزلا لضابط، في شمال بغداد.
بالمقابل ايضا، استمرت القوات الامنية في ملاحقة بقايا التنظيم، وخاصة في المناطق التي يعتقد انه تسلل اليها في الايام الماضية.
واعتقلت وقتلت القوات الامنية خلال الـ 6 ايام الماضية، اكثر من 60 عنصرُا من التنظيم بينهم قيادات مهمة، في “كمائن” وانزال جوي في عدة محافظات.
وفي آب الماضي، أعلنت الأمم المتحدة، أن أكثر من 10 آلاف مسلح تابع لتنظيم داعش، لا يزالون ناشطين في أراضي كل من العراق وسوريا.
وأعلنت الحكومة نهاية 2017 استعادة كامل أراضي البلاد من قبضة التنظيم بعد نحو 3 سنوات ونصف من المواجهات مع التنظيم، والذي استولى على نحو نصف مساحة العراق.
على الجانب السوري
الى ذلك يقول مصدر امني في بغداد، ان هناك معلومات عن “استمرار تنظيم داعش بالتسلل من الاراضي السورية الى داخل العراق، فيما تشير اصابع الاتهام مجددًا الى بعض الفصائل المسلحة هناك في عمليات التهريب.
وكان الناطق باسم العمليات المشتركة اللواء تحسين الخفاجي، نفى في وقت سابق، صحة الانباء عن وجود 10 آلاف مسلح يتنقل بين سوريا والعراق.
وقال في تصريحات متلفزة، ان الحدود بين البلدين “مؤمنة بالكامل”.
واكد المصدر الامني لـ(المدى) ان “هناك فصائل عراقية في الجانب السوري، لا تنتمي الى هيئة الحشد الشعبي، متورطة في عقد صفقات مع اطراف بداخل العراق لنقل المسلحين”.
واشار المصدر، الى ان قوات التحالف، قصفت امس، “انصار الله الاوفياء” داخل الاراضي السورية، مرجحا ان “القصف بسبب تحركات مشبوهة لتلك الجماعات على الحدود”.
ونفت هيئة الحشد الشعبي، في بيان امس، ان قواتها قد تعرضت الى هجوم على الحدود في غربي الانبار، حيث نشرت بعض وسائل الاعلام ان الهجوم ضد القوات في داخل العراق.
“انصار الله” التي تعرضت للقصف، هي النسخة الثانية من الفصيل الاول المتواجد في العراق، واحد تشكيلات الحشد الشعبي.
اكثر الفصائل العراقية، كانت قد ارسلت عددا من المقاتلين في السنوات الـ7 الماضية، الى سوريا خلال سيطرة التنظيم على مناطق هناك.
بحيرة الثرثار
ويرتبط العراق مع سوريا بشريط حدودي طوله اكثر من 600 كم، فيما يؤكد المصدر الامني الذي طلب عدم نشر اسمه، ان “هناك بعض الفراغات في بعض المناطق، وطول الشريط الحدودي بحاجة الى قوات اضافية”.
وترجح التقارير الامنية، ان اغلب “الدواعش” الذين يتسللون من الحدود، يلجأون الى مناطق شرق تكريت، وصحراء الانبار، والجزيرة الغربية، وابرز مناطقها هي بحيرة الثرثار وينتشرون فيها.
وفي الاول من تشرين الاول الحالي، تمكنت القوات الأمنية المشتركة في عملية أسود الجزيرة (وهي حملة امنية اطلقت قبل اسبوع)، من قتل ثلاثة عناصر من تنظيم داعش في نفق بمنطقة الثرثار.
ويقع الثرثار، وهو منخفض مائي، شمال غرب مدينة تكريت وشمالي الأنبار؛ وهو من أكبر المنخفضات الطبيعية في العراق، وشهد عمليات خطف وقتل لصيادين في السنوات الماضية.
الانشغال بـ”خلايا الكاتيوشا”
ويعتقد المصدر، وهو ضابط بجهاز امني حساس، ان “تسلل داعش الجديد، وراءه بحسب بعض التحليلات خطة لاعادة الانتشار وضرب مواقع جديدة تمسكها القوات الامنية الآن”، مستغلا انشغال القوات الامنية بملاحقة “خلايا الكاتيوشا” التي تستهدف القوات الاجنبية وتضرب البعثات الدبلوماسية في بغداد.
بالمقابل يقول مروان الجبارة، احد قياديي الحشد الشعبي في شمال بغداد لـ(المدى) ان “تنظيم داعش متواجد في شرق تكريت وغرب سامراء وفي صحراء الانبار”، نافيا قدرة الاخير على شن هجمات واسعة.
ويؤكد الجبارة ان “اتساع تلك المناطق وقدرة التنظيم على التخفي والاختباء تزيد حاجة العراق الى قدرات التحالف الدولي”.
وتستهدف جماعات مسلحة شيعية تحت غطاء “المقاومة” بشكل شبه يومي مقرات وارتال الدعم اللوجستي للتحالف الدولي، فيما تقول الحكومة العراقية ان تلك القوات موجودة “بموافقتها” وتساعدها بالحرب ضد “داعش”.
واكد يحيى رسول الناطق العسكري للحكومة في وقت سابق ان “العلاقة بين القوات المسلحة العراقية والتحالف الدولي مبنية على ثلاثة أسس، هي التدريب والتسليح والتجهيز”.
واضاف رسول في تغريدة على (توتير) أن “التحالف الدولي جاء إلى العراق بموافقة الحكومة العراقية، عندما كانت الحرب قائمة مع داعش، ونحن نثمّن دور التحالف في تدريب أكثر من 25 لواء من الجيش العراقي وتجهيزها وتسليحها”.
الى ذلك نجح طيران التحالف الدولي، امس، بتنفيذ ضربات جوية ادت الى تدمير مخازن أسلحة تنظيم داعش غربي محافظة ديالى.
وقال الناطق باسم القائد العام للقوات المسلحة، اللواء يحيى رسول، في تغريدة على (تويتر) ان “طيران التحالف الدولي، نفذ بأمر من قيادة العمليات المشتركة، ضربات جوية ناجحة”.
وأوضح انه “تم خلالها تدمير مخازن اسلحة داعش غربي محافظة ديالى”.
داعش يهاجم العسكريين والحشد
وخلال الايام الـ6 الماضية، شن تنظيم داعش هجومين في صلاح الدين، بحسب مصادر (المدى) هناك، حيث اسفر احد الهجمات عن مقتل عميد في الجيش.
وتسببت عبوة ناسفة زرعها تنظيم داعش في قرية السكرية التابعة لقضاء بيجي، شمال تكريت بمقتل العميد معتصم القيسي آمر فوج 12 والنقيب عدي الجبوري والمفوض ماجد القيسي، نهاية ايلول الماضي.
وبحسب المصادر ان قرية السكرية من اكبر معاقل داعش في صلاح الدين وتسكنها عشيرة البو نمر التي كانت قد اشتركت مع القوات الامنية في معارك ضد التنظيم.
اما في ديالى فقد شن التنظيم في اليوم الاول والثاني من تشرين الاول الحالي، هجومين منفصلين على قرية توكل والاصح في شرقي المحافظة، فيما لم تسجل أية اصابات بالحادثين.
ويتسبب عدم التنسيق في شرقي ديالى بين القوات الاتحادية و”البيشمركة” منذ اكثر من 3 سنوات، باستغلال “داعش” تلك الاخطاء الفنية وتنفيذ هجمات على القرى.
الى ذلك كان التنظيم، بحسب مصادر في كركوك، قد هاجم نهاية ايلول الماضي، بعبوة ناسفة مقرا لسرايا الخرساني – احد تشكيلات الحشد- في طوز خرماتو جنوب غربي المحافظة.
ولم يتسبب الهجوم الاخير باي اصابات، لكن التنظيم استطاع بعد يومين في مطلع تشرين الاول الحالي، من مهاجمة منزل في ناحية ليلان جنوب شرق المدينة، وقتل اثنين من عائلة واحدة.
ويقول مسؤول اسبق في كركوك لـ(المدى) ان “صاحب المنزل كان قد عمل في وقت سابق مع القوات الامنية وتعاون بالابلاغ عن داعش في المنطقة”، فيما قتلت زوجته ايضا في حادث اقتحام منزلهما.
كذلك كان التنظيم قد هاجم خلال الايام الثلاثة الماضية، ثكنات للحشد في طوزخرماتو، وفجر عبوة ناسفة ايضا، دون اصابات، لكنه تمكن امس، من اصابة 2 من الحشد العشائري بين كركوك والموصل.
واضاف المصدر ان “المصابين من لواء 51 حشد عشائري، تعرضوا الى اطلاق نار بين الحويجة (غرب كركوك) والشرقاط (جنوب الموصل)، يعتقد انه مصدره من تنظيم داعش”.
بالمقابل اكدت المصادر، وبيانات عسكرية في مناطق شمال بغداد، اعتقال وقتل “63 داعشيا”، اغلبهم في نينوى، حيث كانت الحصيلة في المحافظة 39 عنصرا من التنظيم، بينهم 3 متسللين من سوريا الى غربي المحافظة، بضمنهم نساء اثنتان.
وامس، قالت القيادة العسكرية انها اعتقلت 2 من التنظيم، احدهما “مسؤول الاستخبارات في داعش” ومعاونه بعملية امنية في بغداد، فيما قتلت واعتقلت 4 آخرين في كركوك من ضمنهم شخص اعترف بقيامه بـ”26 عملية” لصالح التنظيم.
كذلك اعتقلت قوات مكافحة الارهاب قبل يومين، 9 مسلحين في السليمانية بالتعاون مع القوات الكردية، وقتلت 3 في عمليات الثرثار، كما اعتقل واحد في هيت، غربي الانبار، و6 آخرين في صلاح الدين بينهم عنصر اشترك بـ”22 عملية” مع “داعش”.