قانون جرائم المعلوماتية والآلة الطابعة

454

نوزاد حسن

أحيانا تعود بنا حوادث السياسة التي نعيشها الى ذكريات منسية مررنا بها قبل سنوات، حدث هذا معي وانا اتابع واقرأ فقرات القانون، الذي يخضع الآن للنقاش في البرلمان، أعادتني في الواقع كثرة النقاشات والجدل بين المعترضين على القانون والمؤيدين له الى ذكرى قديمة تعود الى نهاية التسعينات، حين اشتريت آلة طابعة من صديق بمبلغ كبير في وقتها، في الحقيقة ندمت على شرائي لهذه القطعة من الحديد، لأنني لم اتعلم جيدا الطباعة عليها، كنت اخطئ وانا أبحث عن الحروف، وكان صوت الحرف وهو يلتصق بالصفحة مزعجا جدا، وحين قررت بيعها واجهت مشكلة اكبر، فقد اشترط الشخص الذي اراد شراء الطابعة مني أن ياخذ عنواني ونسخة من هويتي، وبطاقة السكن، اذ قد اكون استخدمت الطابعة لأغراض غير قانونية، هكذا كانت الامور تجري لآنذاك، وافقت وبعت هذه المشكلة بمبلغ اقل من المبلغ الذي اشتريتها

به.

لن اتحدث عن هواجس ما بعد بيع الطابعة، لكني أود أن اتحدث عن هذه العاصفة، التي اثارها قانون الجرائم المعلوماتية، وكما يعرف الكثيرون فان صيغة القانون جرت قراءتها قراءة اولى في البرلمان عام 2011، وهذه الصيغة الجديدة تثير لغطا ومخاوف كبيرة من اقرارها، وعلى الرغم من ان البرلمان ما زال في طور القراءة الثانية لبحث الاعتراضات، واعادة الصياغة لبعض فقراته الى حين التصويت عليه، اي بعد شهرين تقريبا كما اشار النائب حسن خلاطي، الا ان حركة المعارضة لبعض ما ورد في القانون تخشى ان يقر بصيغته الحالية.

كل ما قيل من اعتراضات ونقد لهذا القانون ينبع من الحرص على عدم المساس بحرية التعبير، وهي اثمن ما يملكه الانسان، وحرية التعبير ليست حقا للكاتب او الصحفي لكنها حق للبشر كلهم، لذا لا يمكن ان تنشأ ديمقراطية حقيقية,ونظام سياسي له مشروعية وقوة، من دون هذا الحق الانساني والاخلاقي، الذي لا يحرم البشر من حق الكلام

والنقد.

قد تكون هناك مآخذ على بعض العبارات في القانون او هناك مثلا عقوبات قد لا تستحق السجن وانما الغرامة فقط، وغير ذلك من الاراء القانونية، التي تريد ان يكون القانون ملبيا لحاجاتنا الامنية مع مراعاته للحرية، التي هي اثمن ما يملكه الانسان.

المصدر