انتخابات 2021.. 60 حزباً جديداً تستغل عنوان المتظاهرين بينها تابعة للفصائل

92

بغداد/ تميم الحسن

كسبت الحكومة 6 مليارات دينار من رسوم تسجيل اكثـر من 200 حزب حتى الآن، وهو رقم قابل للزيادة، حيث لا تزال مفوضية الانتخابات تنظر في عدد من طلبات التسجيل المعلقة. وتضاعف سعر تسجيل الحزب لخوض الانتخابات المقبلة إلى 5 مرات عن الانتخابات التشريعية الاخيرة التي جرت في 2018.

ويعتقد سياسيون ان اسعار التسجيل العالية ستساعد “فاسدين” و”مرتشين” على خوض الانتخابات، وتقلل فرص الاحزاب الصغيرة والافراد.

بالمقابل قد تحد هذه الاسعار من فوضى تكاثر الاحزاب، خصوصا وان اغلب القوى السياسية الكبيرة قررت تجنب التحالفات خلال الانتخابات المقبلة.

ومن المقرر ان تجري الانتخابات في حزيران المقبل، بينما لا تزال هناك ترجيحات باحتمال تأجيل الموعد.

ويسمح قانون الانتخابات الجديد، بحصول المرشح لوحده على اصوات الناخبين دون ان تفيض اصواته على قائمته كما كان معمول به في الانتخابات السابقة، ومنها في انتخابات 2018.

ويقول باسم خشان وهو نائب مستقل، لـ(المدى) ان “رسوم الترشيح العالية التي فرضتها مفوضية الانتخابات ستسمح لسارقي اموال الدولة الذين لم يحاسبوا والاحزاب الكبيرة بدخول الانتخابات”. ويفرض على الحزب المرشح ان يدفع مبلغ 25 مليون دينار غير قابل للاسترداد، في حين كانت رسوم التسجيل 5 مليون دينار.

ويضيف خشان، الذي يواجه “فيتو سياسي” امام تأديته اليمين الدستورية حتى الان ان “نحو نصف العراقيين تحت خط الفقر، ويبدو ان المفوضية قررت عدم دخول الاحزاب الفقيرة والافراد الفقراء”.

وكان المسؤول الاول عن ملف الانتخابات في الحكومة عبد الحسين الهنداوي، قد نفى ان تكون رسوم تسجيل الأحزاب الـ 25 مليون دينار، تذهب الى المفوضية.

وقال الهنداوي في تصريحات سابقة للوكالة الرسمية ان “دائرة شؤون الأحزاب والتنظيمات السياسية التابعة للمفوضية العليا المستقلة للانتخابات، المسؤولة عن تسجيل الأحزاب من خلال تطبيق منشور على موقع المفوضية، ووفق شروط محددة”.

وأضاف أن “دائرة الأحزاب تستوفي من الحزب السياسي رسوماً تبلغ 25 مليون دينار عراقي، ليست للمفوضية، بل تذهب لهيئة المساءلة والعدالة والمعاملات الأخرى”.

فوضى الأحزاب

وقدم اكثر من 400 حزب حتى الان طلبات تسجيل الى المفوضية، وهو عدد يفوق اعداد اعضاء البرلمان 329 نائب.

وبحسب الارقام الرسمية غير النهائية للمفوضية، فانها قد صادقت على 231 حزبا، مقابل 204 في الانتخابات التشريعية الماضية، لم يشارك منها غير 87 كيانا وحزبا وفرداً في يوم الاقتراع.

وعدد الاحزاب المصادق عليها يزداد، حيث تشير ارقام المفوضية، الى انها مازالت تنظر بطلبات تسجيل 85 حزباً آخر. واللافت في بيانات المفوضية، ان هناك 99 حزبا تم رفض طلباته، و17 آخرين تم سحب ترشيحهم، وقد تعود هذه الاحزاب مرة اخرى الى التسجيل في المراحل القادمة.

واقر قانون الانتخابات الجديد، لاول مرة منذ عام 2003، نظام الدوائر المتعددة حيث قسم العراق الى 83 دائرة انتخابية، يفوز عنها 322.

وستبقى 7 مقاعد انتخابية لكوتا الأقليات بحسب ما جاء في القانون الانتخابي الذي صوت مجلس النواب عليه العام الماضي. ويقول عادل اللامي، الخبير في مجال الانتخابات لـ(المدى) ان هذا القانون فيه “تغيير جذري” عن النظام النسبي الذي كان سائدا في الانتخابات السابقة.

ووفق اللامي ان “الاصوات الزائدة للمرشح لن تفيض هذه المرة على القائمة او الحزب اللذين ينتمي اليهما الفائز”.

لذلك ينصح الخبير والمسؤول السابق في مفوضية الانتخابات، الاحزاب والتحالفات بان “تقلل عمليات الاندماج فيما بعضها، وتركز في عدم تقديم اكثر من مرشح للدائرة الواحدة”.

مغادرة التحالفات

وفعليا، بدأت القوى الكبيرة، أبرزها التيار الصدري الذي يطمح بحسب قياداته بالحصول على 100 كرسي في البرلمان، اكثر حرصا على تجنب الخوض في حديث التحالفات.

وقال صلاح العبيدي المتحدث باسم زعيم التيار الصدري مقتدى الصدر، نهاية العام الماضي انه “لا يمكن الحديث عن التحالفات قبل ظهور نتائج الانتخابات”.

واضاف العبيدي في مؤتمر صحفي، ان “نتائج الانتخابات هي من ستحدد بعد ذلك شكل التحالفات”.

وقرر زعيم التيار الصدري، مقتدى الصدر، مؤخراً خوض الانتخابات في حال تأكد أن الانتخابات ستسفر عن أغلبية صدرية في مجلس النواب، مشيراً الى أن ذلك سيكون لتخليص العراق من “الفساد والتبعية والانحراف”.

وقال الصدر في تغريدة على تويتر “إن بقيت وبقت الحياة سأتابع الأحداث عن كثب وبدقة فإن وجدت أن الانتخابات ستسفر عن أغلبية صدرية في مجلس النواب وأنهم سيحصلون على رئاسة الوزراء، وبالتالي سأتمكن بمعونتهم وكما تعاهدنا سوية من إكمال مشروع الإصلاح من الداخل سأقرر خوضكم في للانتخابات”. وكان تحالف الصدر مع بعض القوى المستقلة والاحزاب الصغيرة، قد حقق 54 مقعدا في انتخابات 2018، وتمكن التحالف بعد ذلك بالاتفاق مع تحالف الفتح من تشكيل حكومة عادل عبد المهدي التي استقالت نهاية 2019.

وكان الصدر قد دعا العام الماضي، الى ما اسماه بـ”ترميم البيت الشيعي” قبل الانتخابات، لكنها دعوة لم تحقق صدى واضحا، فيما تسربت انباء عن شروط صدرية مقابل انضمام زعيم حزب الدعوة نوري المالكي الى البيت المفترض.

وتعصف الخلافات، بحسب المصادر، داخل حزب الدعوة. وتقول المصادر المطلعة لـ(المدى) ان “المالكي اصبح اكثر سيطرة على الحزب بعد ابعاد بعض المنافسين”. وقرر حزب الدعوة في 2018 عدم الدخول باسمه في الانتخابات، وهو امر تسبب بحدوث جدل واسع بين المالكي وحيدر العبادي حينها. ويقرر تحالف دولة القانون الذي يقوده المالكي في هذه الانتخابات ان لا يتحالف ايضا. ويقول رعد الماس النائب السابق في دولة القانون: “لا تحالفات قبل حزيران”.

وكان ائتلاف المالكي قد حقق 25 مقعدا في الانتخابات الاخيرة في تراجع واضح عن ارقامه التي كان يحصدها في الانتخابات السابقة.

بالمقابل ايضا استوعب العبادي درس الانتخابات السابقة التي لم تساعده في تحقيق حلم الحصول على ولاية ثانية، ويبدو رافضا للتحالفات هذه المرة.

وقال عقيل الرديني، عضو تحالف النصر الذي يقوده العبادي، بان الاخير “لاينوي التحالف مع الصدريين”.

وجاءت تصريحات الرديني، عقب تسرب معلومات عن تحالف وشيك بين الطرفين، على خلفية زيارة المتحدث باسم الصدر، العبادي نهاية العام الماضي.

وكان العبيدي، المتحدث باسم الصدر، قد شن قبل ذلك هجوما على العبادي، وقال في مقابلة تلفزيونة ان الاخير “لم يكن شجاعاً في مواجهة الفاسدين” حينما كان رئيسا للوزراء. وتعرض العبادي الى انشقاقين في تحالفه قبل وبعد تشكيل حكومة عبد المهدي، تسبب الاول في تحميله احداث احتجاجات البصرة الدموية في 2018، والثاني بانسحاب فالح الفياض الى فريق تشكيل الحكومة.

وحقق تحالف الفتح حينها الذي انضم اليه الفياض، توازنا للقوى مع سائرون لتشكيل الحكومة، فيما لا يشجع الفتح هذه المرة الانضمام الى تحالفات اخرى.

وقال القيادي في كتلة صادقون المنضوية تحت التحالف نعيم العبودي، في منشور على الفيسبوك، نهاية العام الماضي انه “تمّ اليوم إعلان المكتب الانتخابي لتحالف الفتح، عن بدء خوض ترشيحه الانتخابيّ رسميًّا، وذلك بجميع مكوناته وضمن قائمة موحدة”. ويضم تحالف الفتح عدة كتل بينها صادقون الممثلة لعصائب اهل الحق ومنظمة بدر والسند الوطني التابعة لكتلة الفضيلة.

خطة الكرد وتشتت القوى السنية

بالمقابل يبدو الكرد هذه المرة يسيرون بالطريق المعاكس لباقي القوى وعن نهجهم في الانتخابات السابقة، بحسب ما اكد القيادي الكردي ووزير المالية السابق هوشيار زيباري.

وقال زيباري مطلع العام الحالي في برنامح تلفزيوني ان “هناك نقاشاً يجري الآن داخل الأحزاب الكردية، بإمكانية خوض الانتخابات المقبلة، بتحالف سياسي كبير، يضم مختلف الأطراف والقوميات والمذاهب”.

ولفت إلى أن “ما مطروح في الوقت الحالي، هو أن تجري تلك التحالفات بمشاركة الأحزاب الكردية، وليس من قبل أشخاص، كما حصل في الانتخابات السابقة”. وكان مجموع ماحصلته القوى الكردية في انتخابات 2018، نحو 60 مقعدا، اغلبها للحزب الديمقراطي الكردستاني الذي جمع 25 مقعداً.

في غضون ذلك لم تظهر اي مؤشرات عن آلية القوى السُنية التي ستخوض بها الانتخابات، خصوصا وسط اجواء عاصفة من الانشقاقات التي جرت داخل تلك الاحزاب، واستبعاد مفوضية الانتخابات القيادي احمد الجبوري (ابو مازن) بسبب تهم سابقة بالفساد.

وتأمل بالمقابل القوى التي شاركت في احتجاجات تشرين الحصول على حظوظها في الانتخابات، خاصة وان تغيير قانون الانتخابات جاء على خلفية حركة المتظاهرين.

وبحسب مؤشرات اولية ان هناك اكثر من 60 حزبا قد استغل اسم المتظاهرين، بينهم احزاب تابعة بشكل غير علني الى فصائل مسلحة. لكن باسم خشان وهو احد منظمي تظاهرات 2018 في السماوة قال إن “حزبين او 3 فقط يمثلون تشرين”، مشيرا الى ان هذه الأحزاب القليلة “ستندمج في النهاية”.

بالمقابل ينصح الخبير في مجال الانتخابات عادل اللامي احزاب تشرين “بالتوحد بجبهة واحدة والابتعاد عن صراع الزعامات وان يختاروا افضل 83 مرشحا لمنع تشتت الاصوات”.

المصدر