العراق في ساعته الخامسة والعشرين

366

العراق في ساعته الخامسة والعشرين

عبد جعفر

من ينظر الى الحالة العراقية من الأعلى يرى التشظي في كل مفاصل الدولة والمجتمع، الى حد انه يشبه شظايا زجاج متناثر.
فهنالك مراكز قوى متعددة، متصارعة، متنافرة، تبحث جميعها عن الهيمنة، وعن دور أكبر لها في عمليات النهب والفساد والتحكم بالقرارات، وهي بالضد من الشارع العراقي الذي يحمل هو الاخر تناقضاته وصراعاته ولم يستطع هو الأخر من تشكيل كتلة سياسية، وطنية، متماسكة قادرة على إزاحة الطغمة المتحكمة، وموروثها المأسوي في المجتمع وحياته، حضارته، وثقافته بالإضافة الى هيمنتها على الدولة ومستقبل الوطن.
وعلى صعيد اخر زاد التدخل الإقليمي والدولي في تحديد مصير الشعب العراقي، ورهن مستقبله في كيفية الخروج من عنق الزجاجة من أزمات متلاحقة وسوء وغياب الخدمات وغياب الأمن ونهب الثروات.
وتعيدنا الحالة العراقية اليوم الى رواية (الساعة الخامسة والعشرون) للكاتب الروماني قسطنطين جورجيو، وما الساعة الخامسة والعشرين كما يقول الكاتب عبدالله إبراهيم (الا تلك الساعة التي يتعذر فيها على الانسان النجاة بحياته من هلاك مؤكد).
والرواية التي تكشف (العالم الكابوسي) الذي يمر بها البطل ايوهان موريتز وعائلته ومعارفه من الاعتقال والاجبار على العمل الشاق، والتعذيب والمطاردة وتحويلهم الى جرذان للاختبارات، وتدخلهم في سلسلة من العذابات على يد السلطات النازية والعميلة لها، ولم تتنه مع المحررين السوفييت والأوروبيين والامريكيين.
فشخصيات الرواية ومنها أيوهان يواجهون الأنظمة الشمولية التي
لا تعني بهوية الفرد إنما تنظر اليه باعتباره كائنا مبهما في ولائه او عدائه، على حد تعبير الكاتب عبدالله إبراهيم.
وفي حالتنا العراقية فأن القوى المتنفذة وشعاراتها البراقة ومن يقف خلفها من قوى إقليمية ودولية، وضعت العراق كشعب وجغرافية وتاريخ وحضارة، كسلعة على طاولة المقامرين والمزادات العلنية، ومن يعترض يقتل أو يطارد بأحسن الأحوال، أما نزيف الشعب الدائم من أبنائه وثرواته وآماله فهي لا يعني أحدا. ويظهر بين آونة وأخرى، مسؤولون (مدججون بالإريحية والابتسامات) ويعلنون استغرابهم لما يحدث، ويصبون وعودهم (كالقيء) على رؤوس المواطنين بأنهم قادرين على ترميم ما أفسده الدهر!
نقولها بالفم المليان، وطننا في هلاك مؤكد إذا لم تستقم الأمور، وهي لن تستقيم بدون طرد غربان الفساد والجريمة المنظمة، وعدم التعويل على أعداء الشعب في اصلاح ما خربوه، وأن نبدأ بتنظيم انفسنا كقوى حية، فالعراق لم يعد يتسع للجميع أما هم أو نحن، وألا سنبقى ضحايا، مطاردين حتى نثبت العكس لجلادينا.

المصدر